العودة إلى الرئيسية

"حمى مجهولة" تصيب المئات وتودي بحياة العشرات في السودان

"حمى مجهولة" تصيب المئات وتودي بحياة العشرات في السودان

2025-09-05 07:43 مساءً

يشهد السودان تفشياً مروعاً للأمراض المعدية، حيث سجلت العاصمة الخرطوم وحدها 890 إصابة مؤكدة بحمى الضنك، أودت بحياة 187 شخصاً، بينهم أطفال ونساء حوامل.
يأتي ذلك وسط انقطاع الكهرباء ونقص مياه الشرب وانتشار البعوض والذباب، مما يهدد حياة السكان يومياً.
في ولاية الجزيرة، وتحديداً في مدينة أبو عشر والمناطق المحيطة بها، يودي مرض مجهول بحياة 5 إلى 6 أشخاص يومياً، وسط حالة من الذعر والارتباك. لم تتمكن الفحوصات الأولية من تحديد مصدر الحمى القاتلة، وما إذا كانت ناجمة عن تلوث المياه أو البعوض أو عوامل أخرى مجهولة.
وأطلقت وزارة الصحة بالخرطوم لمواجهة هذه الكارثة، خطة طارئة لمكافحة البعوض.
وشملت الخطة حملات تفتيش منزلية واسعة، وتجفيف أواني المياه، ورش الأرضيات والجو والضباب، مع تحذيرات صارمة بتطبيق القانون على أي مخالفات قد تزيد الأزمة سوءاً.
وأرجعت الوزارة ارتفاع كثافة البعوض هذا العام إلى تكاثرها في هياكل السيارات والإطارات المهجورة في الشوارع والميادين، بالإضافة إلى الأواني المنزلية المكدسة في مكبات النفايات.
ومع استمرار تفشي المرض، يعيش المواطنون حالة من الرعب والقلق، وسط أزمة صحية لم تعرف لها البلاد مثيلاً منذ سنوات.
من جهتها قالت الدكتورة أديبة إبراهيم السيد، أخصائية الباطنة والأوبئة وعضو فرعية خصوصي أم درمان في اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، إن انتشار البعوض والذباب، إلى جانب انقطاع الكهرباء ونقص مياه الشرب، ساهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمة.
وأضافت أن ضعف المناعة بين السكان نتيجة الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة أدى إلى زيادة معدلات الإصابة بأمراض أخرى مثل التيفوئيد والدسنتاريا الأميبية، فضلًا عن ظهور حمى الشيكونغونيا وانتشار الملاريا في جميع الولايات السودانية.
وفي ولاية الجزيرة، سجل الأطباء ظهور حمى مجهولة في مدينة أبو عشر ومحيطها بمحلية الحصاحيصا، على بُعد نحو 100 كيلومتر من العاصمة.
وأوضحت الدكتورة أديبة أن الحمى تستمر ليوم أو يومين قبل أن تؤدي إلى الوفاة، مع تسجيل 5 إلى 6 حالات يوميا، مؤكدة أن الفحوصات الأولية لم تطابق الأعراض مع حمى الضنك، ولم يتضح بعد سبب المرض.
وأضافت أن المنطقة شهدت بعد تحريرها وجود عدد كبير من الجثث، ولم يُسمح بالتخلص منها إلا بعد ثلاثة أسابيع، ما أثار مخاوف من احتمال تلوث المياه.
وأكدت أن مذكرة عاجلة أُرسلت إلى والي ولاية الجزيرة، إلا أن حالات الوفاة ما تزال مستمرة، فيما يعيش سكان القرى المجاورة حالة من الرعب من انتشار الحمى القاتلة.
وتشير الدكتورة أديبة إلى أن حمى الضنك تمثل خطرا بالغا، إذ تشمل أعراضها ارتفاعا شديدا في الحرارة وآلاما حادة في المفاصل والبطن، إلى جانب نزيف تحت الجلد أو من الأنف واللثة، وتغير لون الغائط إلى الأسود، مع فقدان محتمل للوعي في حال عدم التدخل الطبي العاجل.
ودعت السلطات الصحية والمنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر، إلى التدخل الفوري لتقديم الدعم الطبي واللوجستي، مؤكدة أن استمرار الحرب يمثل السبب الرئيسي وراء هذا الانهيار الصحي والإنساني.
الخرطوم تستنفر لمواجهة «غزو البعوض»
في خطوة وُصفت بأنها «الأوسع» منذ سنوات، أعلنت وزارة الصحة بولاية الخرطوم خطة طارئة لمكافحة الضنك والملاريا، عبر حملات تفتيش منزلية غير مسبوقة، تستهدف تجفيف "برك المياه" الراكدة داخل الأحياء السكنية بالمحليات السبع.
وكشف اجتماع طارئ للوزارة، برئاسة مديرها العام فتح الرحمن محمد الأمين، عن أسباب «الانفجار المفاجئ» في أعداد البعوض هذا الخريف، وعلى رأسها تراكم المياه في هياكل السيارات المهملة و«الإطارات» المنتشرة في الشوارع والميادين، فضلا عن المنازل المغلقة جراء النزوح، والتي تحولت إلى «مزارع بعوض» صامتة.
وستحدد السلطات يوما موحدا للتجفيف في عموم الولاية، يتزامن مع عمليات رش أرضي وضبابي وجوي، وسط تحذيرات من تفعيل قانون الصحة العامة ضد أي مخالفات قد تزيد الأزمة تفاقما.
وأكدت الوزارة توافر الأدوية والكوادر، وأعلنت عن تمديد ساعات العمل في المراكز الصحية، داعية المواطنين إلى المشاركة في الحملة باعتبارهم «خط الدفاع الأول» في مواجهة «غزو البعوض» الذي يهدد العاصمة.

الرجوع